مهرجان الطعام الأردني 2025.. احتفال بالنكهات أم تجاهل لآلام غزة؟

 مهرجان الطعام الأردني 2025.. احتفال بالنكهات أم تجاهل لآلام غزة؟

اعتراضات شعبية واسعة وارتباط وثيق بالقضية الفلسطينية

في ظل أزمة إنسانية حادة تعيشها غزة تحت الحصار والعدوان، فجّر تنظيم مهرجان الطعام الأردني 2025 موجة اعتراضات شعبية عارمة في الأردن، لتتحول فعاليات المهرجان من احتفال ثقافي تقليدي إلى نقطة اشتعال سياسية واجتماعية، وسط تساؤلات عن التوقيت والمضمون وغياب الحس التضامني مع القضية الفلسطينية.

في إطار هذا الموضوع سوف نستعرض تفاصيل المهرجان، أسباب الغضب الشعبي، ورؤية تحليلية للعلاقة بين الحراك الشعبي الأردني وغزة، في سياق أوسع من التضامن العربي متكامل مع القضية الفسطينية في قضية كل عربي ومسلم.

وكالة الفيزا نيوز|  مهرجان الطعام الأردني 2025.. احتفال بالنكهات أم تجاهل لآلام غزة؟

ما هو مهرجان الطعام الأردني؟

مهرجان الطعام الأردني هو حدث سنوي تنظمه وزارة السياحة والآثار وهيئة تنشيط السياحة في المملكة الأردنية الهاشمية، ويهدف إلى إبراز التراث الغذائي المحلي، من المأكولات التقليدية مثل المنسف، المكمورة، الزرب، والمقلوبة، إلى الحلويات الشعبية، والمشروبات العشبية الأصيلة.

يقام المهرجان عادة في عدة محافظات مثل عمّان، إربد، السلط، والعقبة، ويجذب الزوار المحليين والسياح الأجانب، ويصاحبه عروض موسيقية ورقصات شعبية وأسواق حرفية.

اعتراضات شعبية غير مسبوقة عام 2025

على خلاف السنوات السابقة، واجه مهرجان هذا العام انتقادات واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، وصلت حد المطالبة بإلغاء الفعاليات.

أبرز أسباب الاعتراض:

  1. تزامن المهرجان مع العدوان المستمر على غزة

    • يرى الكثير من الأردنيين أن تنظيم مهرجان احتفالي في ظل استمرار المجازر في غزة يُعد استفزازًا لمشاعر التضامن القومي، ويعكس انفصالًا رسميًا عن وجدان الشعب الأردني المؤيد دومًا للقضية الفلسطينية.

  2. تجاهل الدولة لرمزية التوقيت

    • تم تنظيم المهرجان في يوليو 2025، في الوقت الذي كانت غزة تعاني فيه من تصعيد دموي أدى إلى سقوط مئات الشهداء، وهو ما اعتبره الكثيرون "انعدامًا للتقدير الوطني".

  3. الإفراط في الطابع الترفيهي

    • تضمن المهرجان عروض موسيقى ورقص وألعاب، وهو ما أثار استهجانًا لدى البعض ممن وصفوا الفعاليات بأنها "رقص على جراح فلسطين".

  4. غياب برامج تضامنية مرافقة

    • لم يتم تخصيص أي جزء من فعاليات المهرجان لجمع تبرعات أو توعية أو نشاط ثقافي لصالح أهالي غزة، مما زاد من الانتقادات الموجهة للمنظمين.

مواقع التواصل تشتعل: "المنسف لا يُؤكل على دم الشهداء"

أطلق نشطاء أردنيون عدة هاشتاغات تصدرت الترند، منها:

  • #لا_للمهرجان_وقت_المجزرة

  • #المنسف_للضيافة_لا_للتطبيع

  • #غزة_تنزف_ونحن_نحتفل

وشارك المئات من المواطنين في مقاطع فيديو ومنشورات تندد بإقامة مهرجان "باهت في معناه"، في وقت "تبحث فيه غزة عن جرعة ماء وكسرة خبز".

دور القضية الفلسطينية في الوعي الأردني

القضية الفلسطينية ليست ملفًا خارجيًا بالنسبة للأردن، بل هي قضية داخلية لعدة أسباب:

  • وجود أكثر من 2 مليون لاجئ فلسطيني في الأردن يحملون الجنسية الأردنية أو وثائق مؤقتة.

  • الروابط العائلية والقبلية بين الشعبين، خصوصًا في مدن مثل الزرقاء، إربد، والسلط.

  • الموقف السياسي الأردني الرسمي المناهض للاستيطان الإسرائيلي والرافض لتصفية القضية الفلسطينية.

  • الوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس، التي تجعل الأردن طرفًا مباشرًا في الصراع.

لذلك، فإن أي حدث يُظهر نوعًا من اللامبالاة تجاه فلسطين يُترجم على الفور إلى غضب شعبي، ويمس جوهر الهوية الوطنية الأردنية.

هل كان بالإمكان تنظيم المهرجان بشكل مختلف؟

العديد من الأصوات لم ترفض فكرة المهرجان بذاتها، بل طالبت بـتعديل المضمون والتوقيت، بحيث يتم احترام مشاعر الحزن الوطني والغضب العربي، واقترحت:

  • تحويل المهرجان إلى فعالية تضامنية مع غزة، تتضمن جمع تبرعات، وندوات ثقافية، ومعارض صور توثق الجرائم الإسرائيلية.

  • تقليص الطابع الاحتفالي والتركيز على البعد التراثي والوطني.

  • تأجيل المهرجان إلى وقت لاحق، بعد هدوء الأوضاع في غزة.

الحكومة الأردنية: صمت رسمي يزيد الاحتقان

حتى لحظة كتابة هذا المقال، لم تصدر الحكومة الأردنية أي بيان رسمي يعلّق على الجدل، الأمر الذي زاد من حدة الاحتقان الشعبي، وفتح المجال أمام التفسيرات المختلفة، من ضمنها:

  • أن هناك انفصالًا متزايدًا بين الدولة والمجتمع في فهم الأولويات الوطنية.

  • أو أن التطبيع غير المعلن مع الاحتلال أصبح يتجلى في سلوكيات رسمية "ناعمة".

السياحة أم الكرامة؟ جدل الهوية في قلب الأزمة

يثير المهرجان سؤالًا وجوديًا في الأردن:
هل يمكن بناء اقتصاد سياحي قوي على حساب مشاعر الأمة؟
هل تقتصر السياحة على الترفيه، أم أنها أداة ثقافية تعبر عن ضمير الشعب؟

يرى محللون أن الدولة الأردنية مطالبة بإعادة صياغة مفهوم السياحة، بحيث تكون متسقة مع مواقفها السياسية، ولا تتناقض مع نبض الشارع.

غزة في قلب كل أردني

الاعتراض على المهرجان هذا العام ليس مجرد رد فعل عابر، بل هو تجسيد لعمق العلاقة بين الأردن وفلسطين. فغزة ليست مجرد مدينة على الخارطة، بل هي:

  • رمز للكرامة والصمود في نظر الأردنيين.

  • اختبار دائم للضمير العربي.

  • جسر نفسي وعاطفي يربط كل بيت أردني بفلسطين.

ما بعد المهرجان... ماذا بعد الغضب الشعبي؟

إن أزمة مهرجان الطعام الأردني 2025 تكشف أزمة أعمق في السياسات العامة والثقافية. فالشعوب لا تعترض على الفرح، بل على الفرح المنفصل عن الواقع، ولا ترفض الطعام التراثي، بل ترفض طمس البوصلة الأخلاقية التي تشير إلى غزة.

الدرس الأهم هو أن على المؤسسات الرسمية أن تصغي لنبض الشارع، وأن تدرك أن فلسطين ليست مجرد قضية خارجية، بل هي مكوّن عضوي في الوعي الأردني، وأن أي سلوك أو تنظيم أو قرار لا يراعي هذا البُعد، سيكون عرضة للسقوط الشعبي، مهما كانت نواياه الاقتصادية أو الترويجية.

وكالة الفيزا نيوز
بواسطة : وكالة الفيزا نيوز
وكالة الفيزا نيوز وكالة اخبارية تهتم بالشأن العربي وقضايا الشعوب العربية و القضايا العالمية بمختلف جوانبها وتسلط الضوء علي التاريخ العربي و العالمي بعيد عن أي ايديولوجيات سياسية أو عرقية أو دينية؛ وتهتم بعلم القانون بمختلف جوانبه ، وعلم الاقتصاد والمساعدة في حل الازمات الاقتصادية، ونقدم قسم الموسوعة لنشر التاريخ العربي و العالمي وغيرها من العلوم والأحداث.
تعليقات