دعوة أوروبية لإيقاف الحرب في غزة وردود الفعل السياسية والمجتمعية في أوروبا وخارجها
🇪🇺 دعوة موحّدة بعد تداول خط ساخن
في 26 يونيو 2025، شهدت العاصمة البلجيكية بروكسل اجتماع قمة المجلس الأوروبي الذي جمع زعماء 27 دولة عضوًا من الاتحاد الأوروبي لمناقشة ملفات عدة أبرزها الحرب في غزة. كان لافتًا أن القمة الرسمية تخللت أول دعوة مشتركة صريحة لـوقف فوري لإطلاق النار في غزة، مع المطالبة بالإفراج غير المشروط عن جميع الرهائن، تمهيدًا لهدنة دائمة تُنهي هذه الحرب التي خلفت وراءها مآسي إنسانية هائلة .هذه المبادرة جاءت بعد توصيات دبلوماسية وتحذيرات متتالية من المفوضية الأوروبية بأن إسرائيل ربما انتهكت شروط اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، ما فُتح على أثره ملف لاحق بشأن متابعة جوانب الحقوق والحريات الشخصية المنصوص عليها في المادة الثانية من الاتفاقية .
![]() |
وكالة الفيزا نيوز| دعوة أوروبية لإيقاف الحرب في غزة لماذا الآن |
بُعد دولي ودبلوماسي: أوروبا بين الضغط والأفعال
في خضم القمة، دعا قادة مثل رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين والوزيرة الخارجية كايّا كلاس إلى وقف فوري لإرسال الأسلحة إلى إسرائيل خلال الحملة في غزة، وفتح مصادر إغاثة إنسانية ملحّة داخل القطاع، لضمان وصول الطعام، الدواء، والوقود .كما شدد زعماء إسبانيا والسويد على ضرورة تعليق اتفاقية الشراكة التجارية/الاقتصادية مع إسرائيل، مؤكدين معارضة استمرار العلاقات الطبيعية بينما تستمر العمليات العسكرية ذات الانتهاكات المحتملة . ولم تُحسم خيار التعليق بعد، لكن تم تأجيل البتّ النهائي إلى اجتماع قادة الاتحاد في يوليو 2025 لمراقبة تطورات الوضع على الأرض .
⚖️ التوازن الأوروبي: من التنديد إلى العقوبات؟
ردود الفعل الأوروبية لم تقتصر على النداءات، بل تضمنت خطوات عملية محتملة:1. **إعلان تعليق مساعدات التنمية : مثلما فعلت ألمانيا مع مشاريع لتطوير الفلسطينيين – لإجبار إسرائيل على وقف العمليات العسكرية، أو الانتظار بالعقوبات الاقتصادية في حال استمرار الانتهاكات .
2. تأكيد دعوات لخفض صادرات الأسلحة: خاصة من فرنسا وبريطانيا، مع مرور هذه الصادرات عبر تدابير جديدة للرقابة أو التحفظ .
3. ارتفاع الأصوات داخل المؤسسات الأوروبية : مثل مجموعة تضم أكثر من 2000 موظف في مفوضية البرلمان، طالبوا بتعليق فوري للاتفاق التجاري ومراجعة سياسة الاتحاد تجاه إسرائيل .
🕊️ موقف فرنسا وبريطانيا وكندا: اعتراض واضح وصريح
على هامش القمة، أصدرت **فرنسا وبريطانيا وكندا** بيانًا مشتركًا وصفوا خلاله الواقع في غزة بأنه "غير مقبول ومخالف للقانون الدولي"، ومن ثم طالبوا بوقف فوري للعمليات وفتح معابر إنسانية دون قيود. كما أشاروا إلى إمكانية فرض **عقوبات مستهدفة على شخصيات إسرائيلية** مسؤولة عن قرارات وانتهاكات عسكرية .بدورها، شددت فرنسا - بقيادة الرئيس **إيمانويل ماكرون** - على أن استمرار حملات القصف “لا يمكن تبريره” وأكدت مبادرتها بطرح قضية تعليق اتفاق الشراكة خلال الاجتماعات المقبلة، مع دعمها لحماية المدنيين الفلسطينيين .
🕰️ لماذا الآن؟
تجمّعت عوامل أدت إلى تصعيد مواقف الاتحاد الأوروبي:* ارتفع عدد **الضحايا المدنيين** في غزة، إلى أكثر من 56 ألف شخص، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، إثر حملة مطولة منذ أكتوبر 2023 وحتى الآن .
انشار تقارير لـانتهاكات محتملة للقانون الدولي الإنساني من قبل إسرائيل، تتضمن قصف مستشفيات ودور عبادة، إضافة لتقييد دخول الإغاثة عبر الحصار المفروض على المعابر، ازدياد الضغوط الداخلية من جماعات حقوق الإنسان والموظفين داخل الاتحاد الذين اعتبروا أن الرد الأوروبي كان متأخرًا وغير طموح بما يكفي، في سياق متصل، توافقت مطالب العديد من الوزراء والدبلوماسيين، بمن فيهم وزراء خارجية ألمانيا وسويسرا والبرتغال، على ضرورة ابتعاد العنقود الأوروبي عن النهج الحالي في الغارات، والالتفات لضرورة التهدئة والجانب الإنساني أولاً.
🧭 محاذير الانقسام: وصايا منتظرة في يوليو
رغم الموقف الأوروبي الموحد في قمة يونيو، لا تزال العقوبات والتعليق أمرًا مطروحًا للنقاش؛ وتصطدم بعدة معوقات:فيتو بعض الدول، مثل المجر وسلوفاكيا، التي تفضل موقفًا حذرًا توازنًا بين دعم إسرائيل من منطلق الحفاظ على أمن حلف شمال الأطلسي، وعدم الانتقال لعقوبات قد تضعف الاتحاد الأوروبي.
الخلاف حول علاقة الأمن الأوروبي بإسرائيل، وضرورة إعادة النظر في توازن المصالح الاستراتيجية (مناورات دفاعية وتكنولوجيا عسكرية)، خاصة تجاه الضغط الأميركي، التحدي المتنامي في روسيا وأوكرانيا، الذي يخلق أولوية أمنية للاتحاد تجعل الانشغال بـ"أزمة الشرق الأوسط" أولوية ثانية، لذلك، تم الاتفاق على تأجيل اتخاذ قرارات تنفيذية (كال تعليق الاتفاق) إلى قمة يوليو 2025، بناء على تقارير جديدة من المفوضية ومنظمات حقوق الإنسان التي ستخصص لفحص الوضع الإنساني والقانوني في غزة .
🌍 آراء شعبية ومجتمعية في أوروبا
ردود الفعل لم تكن فقط سياسية؛ بل شهدت:
مظاهرات حاشدة في عواصم مثل بروكسل ولندن وبرلين، يرفع فيها المتظاهرون صوتهم للمطالبة بتبني موقف إنساني وداعم لوقف الحرب في غزة . تفاعل واسع على منصات التواصل: وسوم مثل #CeasefireGaza و#StopGazaWar انتشرت بقوة، ورافقها دعوات لتجفيف مصادر تمويل للحرب، بما في ذلك وقف أزمة الأسلحة ، تصاعد الضغط الداخلي من **برلمانيين ومنظمات غير حكومية** في الاتحاد، الذين يتهمون القادة الأوروبيين بالتأخر في التحرك وضرورة اتخاذ خطوات ملموسة ضد الانتهاكات .
🏛️ السياق الدولي المتوسع
يتزامن هذا التوجه الأوروبي مع:تحوّل الموقف الإسرائيلي أمام رقابة دولية متزايدة، بما في ذلك بحث في محكمة لاهاي (ICC) وواجهة قضائية دولية تتعلق بقضايا الحرب في غزة، تدخل دول مثل مصر وقطر والولايات المتحدة ضمن جهود الوساطة، وبخاصة في ما يخص تبادل الرهائن وإقامة هدنة مؤقتة تُفتح معها ممرات إنسانية حيوية، تزايد التحذيرات من تداعيات اقتصادية وسياسية محتملة في حال جرى تعليق الاتفاقيات التجارية، نتيجة لتجاوزات إسرائيلية ضد الحريات.
🧩 الخاتمة: وحدة مشروطة والتحرك مستمر
تشكّل دعوة زعماء أوروبا لوقف الحرب في غزة خطوة بارزة في الملف الإنساني، إلا أنها تظل ضمن سياق **توازنات معقدة** بين طموحات السياسة الإنسانية والمصالح الإستراتيجية والدبلوماسية.- الاتحاد يقدم رسالة موحدة لأول مرة منذ بداية الأزمة في أكتوبر 2023 → وقف الحرب والإفراج عن الرهائن.
- الخطوات التالية مرهونة بموافقة داخلية، تقارير يوليو، وضغط شعبي مستمر.
- هل يقطع الأوروبيون الحرب؟ الخيار لا يزال أمامهم: تعليق الاتفاقات والضغط الدبلوماسي، أو الاكتفاء بمواقف رمزية.
- إن هذه اللحظة تمثل نقطة تحول قد تؤدي إلى إنهاء المعاناة أو تحوّلها إلى أزمة طويلة الأمد. الواضح أن ضغط الشارع والمجتمع الأوروبي، مع تدويل القضية أمام المؤسسات القانونية، يفرضون على القادة الأوروبيين مسؤولية اتخاذ موقف واضح – سيكتمل في القمة المقبلة.