حالة الأضطراب في إسرائيل بسبب المظاهرات المتصاعدة ضد الحكومة

تصاعد التوترات الداخلية في إسرائيل
تشهد إسرائيل منذ سنوات، وخصوصًا في أعقاب تشكيل الحكومة اليمينية المتطرفة بقيادة بنيامين نتنياهو، حالة من {الانقسام الاجتماعي والاضطراب السياسي} لم يسبق لها مثيل في تاريخ الدولة. ومع تزايد وتيرة المظاهرات ضد سياسات الحكومة، خاصة المتعلقة {بإضعاف القضاء} وتمرير إصلاحات مثيرة للجدل، بات المجتمع الإسرائيلي يعيش حالة {اضطراب داخلي في اسرائيل} – أي تمزق واختلاف حاد في الرؤى بين فئات المجتمع.
في هذا المقال، سنسلط الضوء على الحالة الأضطراب في إسرائيل بسبب المظاهرات، وتأثيراتها على الأمن الداخلي، ووحدة الجيش، والهوية القومية، ومستقبل النظام السياسي، في سياق يتسم بكثير من التعقيد والتحديات.

أولًا: المظاهرات ضد الحكومة – الخلفية والأسباب

منذ مطلع عام 2023، خرج مئات الآلاف من الإسرائيليين في مظاهرات احتجاجًا على خطط الحكومة لإضعاف سلطة القضاء وتقويض استقلالية المحكمة العليا. هذه المظاهرات، التي نُظمت بشكل دوري في تل أبيب والقدس ومدن أخرى، تجاوزت طابعها السياسي لتصبح تعبيرًا عن انقسام عميق في المجتمع.
أبرز الأسباب:
  • تمرير قوانين تمنح الحكومة السيطرة على تعيين القضاة.
  • تقييد صلاحيات المحكمة العليا في مراجعة القوانين والتشريعات.
  • منح صلاحيات موسعة للشرطة وجهاز الشاباك في التعامل مع "الاحتجاجات".
  • شعور العلمانيين والليبراليين بأن إسرائيل تتحول إلى "دولة دينية".

ثانيًا: مفهوم الحالة الأضطراب في المجتمع الإسرائيلي

مصطلح الحال الاضطراب يعبر عن تفكك التماسك الاجتماعي وتحول المجتمع إلى مجموعات متناحرة ذات رؤى متضادة، ما يؤدي إلى شلل في اتخاذ القرار الوطني وظهور خطاب الكراهية والعنف.
في الحالة الإسرائيلية، يتجلى ذلك في:
1. الانقسام بين المتدينين والعلمانيين
  • الحريديم واليهود القوميون يدعمون الحكومة اليمينية.
  • التيار العلماني يرى أن إسرائيل تُسرق منه ديمقراطيًا.
2. التوتر بين اليهود الشرقيين (السفارديم) والغربيين (الأشكناز)
  • هناك شعور بالتمييز الطبقي والثقافي المتجذر تاريخيًا.
3. العلاقة المتوترة بين العرب واليهود داخل الخط الأخضر
  • التصعيد السياسي يؤجج مشاعر العداء والتهميش.

ثالثًا: المظاهرات وانعكاسها على وحدة الجيش الإسرائيلي

من أبرز مظاهر التمزق الداخلي في إسرائيل هو الانقسام داخل الجيش، خاصة بين جنود الاحتياط.
أمثلة واضحة:
  • آلاف الجنود في وحدات النخبة والاحتياط أعلنوا مقاطعة الخدمة احتجاجًا على "الانقلاب القضائي.
  • قادة أمنيون سابقون حذروا من تفكك الجبهة الداخلية وضعف الجاهزية.
تحذير المؤسسات الأمنية:
  • جهاز "الموساد" والشاباك عبّرا عن مخاوف من تحول إسرائيل إلى **"دولة فاشلة"** إذا استمرت الأزمة.
  • وزير الدفاع نفسه حذر من الانهيار الداخلي، ما تسبب في أزمة سياسية حينها.

رابعًا: تأثير المظاهرات على الاقتصاد الإسرائيلي

الاضطرابات السياسية تؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد في اسرائيل، خاصة في بيئة استثمارية حساسة.
الآثار الاقتصادية المباشرة:
  • هبوط العملة الإسرائيلية (الشيكل) أمام الدولار.
  • خروج استثمارات خارجية من السوق.
  • تراجع أداء البورصة الإسرائيلية.
  • توتر في العلاقات التجارية مع الشركات الدولية التي تشترط "الاستقرار القانوني".
تأثير على قطاعات محددة:
  • قطاع التكنولوجيا (الهاي تك)، العمود الفقري للاقتصاد الإسرائيلي، شهد هجرة شركات ومبرمجين.
  • القطاع السياحي تأثر سلبًا بسبب المظاهرات في الأماكن العامة.

خامسًا: الإعلام الإسرائيلي ودوره في تعميق الانقسام

الإعلام الليبرالي: مثل "هآرتس" و"يديعوت أحرونوت" يدعم الاحتجاجات ويصف الحكومة بأنها تسير نحو "الدكتاتورية".  
الإعلام الداعم للحكومة: مثل "القناة 14" يتهم المتظاهرين بأنهم "عملاء اليسار" ويحرض ضدهم.
الانقسام الإعلامي يعمّق الشعور الأترابي ويؤسس لروايتين متناقضتين داخل الدولة الواحدة.

سادسًا: مستقبل إسرائيل في ظل استمرار الأزمة

مع استمرار المظاهرات، وتصاعد الاستقطاب، تطرح تساؤلات وجودية حول مستقبل إسرائيل كنظام ديمقراطي.
سيناريوهات محتملة:
1. انهيار التوافق الوطني وبروز مطالبات بـ"تقسيم سياسي" بين المعسكرات.
2. تدخل المؤسسة العسكرية إذا تصاعدت الفوضى، ما قد يهدد الطابع المدني للدولة.
3. انتخابات مبكرة تُفضي إلى إعادة تشكيل المشهد السياسي.
4. تحول إسرائيل إلى دولة دينية تُهمّش التيارات الليبرالية والعلمانية.

سابعًا: التفاعل الدولي مع المظاهرات داخل اسرائيل

المجتمع الدولي، وخصوصًا الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، تابع الأزمة بقلق شديد.
مواقف دولية:
  • واشنطن حذرت من "تفكك الديمقراطية الإسرائيلية".
  • منظمات حقوقية انتقدت استخدام القوة ضد المتظاهرين.
  • مؤسسات يهودية في الشتات انقسمت بين الدعم والمعارضة.

ثامنًا: الدور الفلسطيني والعربي في مراقبة المشهد

رغم أن المظاهرات داخلية الطابع، إلا أن القضية الفلسطينية تُذكر دائمًا في سياق الاحتجاجات:
  • المتظاهرون يتهمون الحكومة بإشعال الصراع مع الفلسطينيين لتشتيت الانتباه عن الأزمة الداخلية.
  • الفلسطينيون يراقبون هذا التمزق باعتباره دليلًا على ضعف البنية الداخلية لإسرائيل.
  • بعض التحليلات ترى أن هذا التفكك سيساهم في تراجع قدرة إسرائيل على مواجهة المقاومة الفلسطينية أو اتخاذ قرارات استراتيجية.

تاسعًا: كيف تُسهم المظاهرات في إعادة تشكيل الهوية الإسرائيلية؟

إحدى النتائج العميقة للأزمة السياسية والاجتماعية في إسرائيل هي إعادة طرح سؤال الهوية الوطنية من هو الإسرائيلي؟ وما هي طبيعة الدولة؟ هل هي يهودية أولًا أم ديمقراطية؟ وهل يمكن الجمع بين الهويتين في ظل هذا التمزق المتصاعد؟
1. تزايد التيارات الهوئية المتنافسة:
  • التيار القومي الديني يطالب بتوسيع النفوذ الديني في السياسة والتشريعات، ويرى أن إسرائيل دولة يهودية توراتية.
  • التيار الليبرالي العلماني يدافع عن الديمقراطية والحقوق المدنية، ويرى في طروحات اليمين تهديدًا لهوية الدولة الحديثة.
  • العرب داخل الخط الأخضر يشعرون بأنهم خارج هذا الجدل أصلًا، باعتبار أنهم مستبعدون من دوائر القرار والهوية، رغم كونهم جزءًا أساسيًا من تركيبة الدولة السكانية.
2. تفكك الرواية الصهيونية الجامعة:
  • الرواية التي نشأت مع تأسيس إسرائيل والتي كانت تقوم على "وحدة اليهود في مواجهة الخطر الخارجي" تنهار الآن أمام صراع داخلي لا يقل حدة عن أي تهديد خارجي.
  • المظاهرات تُظهر أن المشروع الصهيوني بات يعاني من **تشقق داخلي**، حيث لم يعد هناك اتفاق على المسار أو القيم المشتركة.

عاشرًا: هل إسرائيل على أعتاب انتفاضة يهودية؟

بينما يُستخدم مصطلح "انتفاضة" عادةً لوصف تحركات الفلسطينيين، بدأ البعض في الإعلام العبري والدوائر السياسية الإسرائيلية يتحدث عن "انتفاضة يهودية" داخل إسرائيل.
المقصود؟
  • هي ليست انتفاضة مسلحة، بل انتفاضة اجتماعية مدنية تتجلى في رفض الخدمة العسكرية، مقاطعة المؤسسات، العصيان المدني، والتظاهر المستمر.
  • شريحة من الإسرائيليين باتت تؤمن أن الوسائل التقليدية لم تعد كافية لتغيير الوضع القائم، مما يدفعها إلى تصعيد المواجهة السياسية.
إلى أين قد تصل هذه الانتفاضة؟
  • قد تؤدي إلى إعادة صياغة العقد الاجتماعي في إسرائيل.
  • أو قد تنتهي بفرض السلطة بالقوة، مما يفتح الباب أمام موجات قمع قد تُفقد إسرائيل شرعيتها الديمقراطية داخليًا وخارجيًا.

الحادي عشر: السيناريوهات المستقبلية الممكنة

في ضوء المشهد المعقد الحالي، يمكن رسم ثلاثة سيناريوهات رئيسية لمستقبل الحالة الإسرائيلية:
السيناريو الأول: الانفراج التدريجي
  • عبر انتخابات مبكرة أو تفاهم سياسي بين الأحزاب.
  • يكون مصحوبًا بتراجع الحكومة عن بعض التشريعات المثيرة للجدل.
السيناريو الثاني: الانفجار
  • استمرار الاحتجاجات يقود إلى مواجهة عنيفه مع أجهزة الأمن.
  • قد نشهد موجة من الاغتيالات أو الاضطرابات الأمنية الخطيرة.
السيناريو الثالث: التفكك المؤسسي
  • تتفكك وحدة الجيش والشرطة، وتضعف قدرة الحكومة على بسط نفوذها، ما يُضعف إسرائيل أمام التحديات الإقليمية.

الثاني عشر: الخلاصة – هل تعيش إسرائيل لحظة ما قبل التحول؟

  • الأزمة الحالية ليست كسابقاتها، بل تمثل علامة فارقة في التاريخ الإسرائيلي. إنها لحظة اختبار حقيقي لمؤسسات الدولة، وتوازنات المجتمع، ونموذج الحكم.
  • إذا استمرت حالة "الأتراب" دون تدخل عاجل، فإن إسرائيل قد تفقد تماسكها الداخلي.
  • أما إذا نجحت القوى العقلانية في تهدئة التوترات، فقد تشهد الدولة ميلادًا جديدًا لنظام سياسي أكثر توازنًا وعدلًا.
وكالة الفيزا نيوز
بواسطة : وكالة الفيزا نيوز
وكالة الفيزا نيوز وكالة اخبارية تهتم بالشأن العربي وقضايا الشعوب العربية و القضايا العالمية بمختلف جوانبها وتسلط الضوء علي التاريخ العربي و العالمي بعيد عن أي ايديولوجيات سياسية أو عرقية أو دينية؛ وتهتم بعلم القانون بمختلف جوانبه ، وعلم الاقتصاد والمساعدة في حل الازمات الاقتصادية، ونقدم قسم الموسوعة لنشر التاريخ العربي و العالمي وغيرها من العلوم والأحداث.
تعليقات