حسن نصرالله، الأمين العام لحزب الله اللبناني، من أبرز الشخصيات السياسية في الشرق الأوسط في العقود الأخيرة. يشتهر بخطاباته المؤثرة، ودوره البارز في السياسة اللبنانية، وتأثيره الواسع على محور المقاومة، والعلاقات الإقليمية، والصراعات في المنطقة.
منذ توليه قيادة الحزب عام 1992، برز نصرالله كشخصية ذات حضور إعلامي قوي، وسياسي يتمتع بقاعدة شعبية كبيرة في لبنان وخارجه، ويُعد لاعبًا فاعلًا في المعادلات السياسية والعسكرية في الشرق الأوسط.النشأة والخلفية التعليمية
ولد حسن نصرالله في {31 أغسطس 1960} في حي الكرنتينا ببيروت، لأسرة لبنانية من منطقة البازورية في جنوب لبنان. بسبب الحرب الأهلية، انتقلت العائلة إلى الجنوب، وهناك تلقى نصرالله تعليمه الأساسي.أكمل دراسته الدينية في {النجف الأشرف} في العراق، ثم في مدينة {قم الإيرانية، حيث تأثر بمدارس الفكر الإسلامي السياسي، خصوصًا فكر الإمام الخميني، ما جعله من أبرز الشخصيات المتأثرة بفكرة ولاية الفقيه لاحقًا.
الانخراط في النشاط السياسي
انضم نصرالله إلى {حركة أمل} بداية شبابه، ثم التحق بعد انشقاق عدد من قياداتها بـ{حزب الله} عند تأسيسه عام 1982، بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان.سرعان ما برز نصرالله داخل الحزب بسبب قدراته التنظيمية وخطاباته الجماهيرية، وتقلد عدة مناصب تنظيمية، إلى أن عُين أمينًا عامًا لحزب الله في عام 1992، بعد مقتل الأمين العام السابق عباس الموسوي في غارة إسرائيلية.
حزب الله تحت قيادة نصرالله
منذ توليه القيادة، قاد نصرالله الحزب في عدة محطات سياسية وعسكرية مهمة، وكان أبرزها:1. التحرير عام 2000
حقق حزب الله انسحابًا إسرائيليًا كاملًا من جنوب لبنان في مايو 2000، وهو ما عُدّ نصرًا تاريخيًا للحزب، وساهم في ترسيخ شعبية نصرالله.
2. حرب تموز 2006
خلال الحرب بين إسرائيل وحزب الله في صيف 2006، لعب نصرالله دورًا محوريًا في إدارة الصراع إعلاميًا وسياسيًا. وانتهت الحرب دون أن تتمكن إسرائيل من القضاء على الحزب، ما اعتبره البعض "نصرًا استراتيجيًا"، وأدى إلى ازدياد مكانة نصرالله في المنطقة.
3. دوره في السياسة اللبنانية
منذ 2005، دخل الحزب بقيادة نصرالله أكثر في المعادلة السياسية اللبنانية، من خلال تحالفات واسعة، ومشاركة مباشرة في البرلمان والحكومة.
4. الأزمة السورية
شارك الحزب في الحرب السورية إلى جانب الحكومة السورية منذ عام 2012، وهي خطوة أثارت جدلًا واسعًا إقليميًا ودوليًا، وأثرت على صورة الحزب داخل لبنان وخارجه.
الخطاب الإعلامي
يُعرف نصرالله بخطاباته المتلفزة المنتظمة، التي يتحدث فيها في مناسبات دينية وسياسية. وتُتابع خطاباته ملايين الجماهير داخل وخارج لبنان.تميز أسلوبه بالجمع بين الدين والسياسة، والتوجه المباشر للجماهير، مع استحضار دائم للقضايا العربية، خصوصًا القضية الفلسطينية. وتُترجم خطاباته إلى عدة لغات.
الدعم الإقليمي والدولي
يُعتبر نصرالله وحزب الله جزءًا من {محور المقاومة} الذي يشمل إيران وسوريا وجماعات أخرى في المنطقة. ويصفه مؤيدوه بأنه "زعيم المقاومة"، بينما يصفه معارضوه بأنه قائد لتنظيم عسكري ذو امتدادات خارجية.تفرض بعض الدول، من بينها الولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية، {عقوبات} على الحزب وتعتبره تنظيمًا إرهابيًا، في حين ترفض دول أخرى هذا التصنيف.
الشعبية والانتقادات
يحظى نصرالله بشعبية كبيرة في أوساط معينة من اللبنانيين والعرب، خصوصًا بسبب مواقفه المعادية لإسرائيل، ودعمه للقضية الفلسطينية.في المقابل، يتعرض أيضًا لانتقادات سياسية داخلية من خصومه في لبنان، الذين يتهمون الحزب بالاحتفاظ بسلاح خارج سلطة الدولة، وبالتدخل في الصراعات الإقليمية مما يؤثر على استقرار لبنان.
المواقف من القضايا الإقليمية
1. القضية الفلسطينيةنصرالله دائم الدعم للفصائل الفلسطينية، ويدعو إلى استمرار المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، ويرى أن التسوية السلمية غير مجدية.
2. الملف السوري
أعلن دعمًا صريحًا للحكومة السورية في وجه الجماعات المسلحة، معتبرًا أن سوريا تمثل عمقًا استراتيجيًا لحزب الله.
3. العلاقات مع إيران
يعتبر نصرالله أن إيران هي الداعم الأول للمقاومة، ويرى في قيادتها مرجعية دينية وسياسية، خصوصًا في إطار "محور المقاومة".
التأثير في الإعلام والثقافة
أصبح نصرالله شخصية رمزية في الثقافة السياسية العربية، حيث حضر اسمه في الأدب، والأغاني، والكاريكاتير، سواء بالإيجاب أو النقد.تُعد قناة {المنار}، الذراع الإعلامي لحزب الله، أحد أهم أدوات الحزب في نشر خطاب نصرالله، إلى جانب حضوره المكثف على وسائل التواصل الاجتماعي.
التحديات أمامه وحزبه
يواجه نصرالله وحزبه تحديات داخلية وخارجية متزايدة، أبرزها:- الأزمة الاقتصادية اللبنانية وما ترتب عليها من تراجع في شعبية القوى السياسية عامة.
- الضغوط الدولية بسبب العلاقة مع إيران والتدخل الإقليمي.
- الانتقادات الداخلية حول دور الحزب في القرار اللبناني.
يبقى حسن نصرالله شخصية محورية في الشرق الأوسط، له مؤيدون يرونه "رمزًا للمقاومة" ومعارضون يرونه "جزءًا من تعقيدات المشهد السياسي الإقليمي". وبين هذا وذاك، استطاع أن يبقى حاضرًا في معادلة القوة الإقليمية لأكثر من ثلاثة عقود، محاطًا بتأييد وجدل لا ينتهيان.